
خلّفت ظاهرة الطلبة البطالين الكثير من الجدل المصحوب بالقلق حول مستقبل نخبة حاصلة على أعلى درجة علمية في الجزائر، في ظل صعوبة إيجاد مناصب عمل تتماشى مع طموحاتهم والشهادة العلمية المحصل عليها، يحدث ذلك في الوقت الذي تساوت وضعيتهم، حسب البعض، مع بقية البطالين من مختلف الشرائح، ما جعلهم يدعون إلى إيجاد حلول للاستثمار في كفاءتهم، خاصة وأن الجامعة لا تزال تعاني عجزا كبيرا من ناحية التأطير، ناهيك عن لجوء عدة أساتذة إلى التقاعد دون أن يتم تعويضهم.
ويقول البروفيسور مصطفى نويصر من قسم التاريخ بجامعة الجزائر في حديثه حول ظاهرة الطلبة البطالين “العديد من الأقسام على مستوى جامعتنا قد فقدت نسبة كبيرة جدا من أساتذتها خلال العشرية الأخيرة، إما بالوفاة أو بالتقاعد أو حتى بالتحويل وبقيت أماكنهم شاغرة ولم يتم تعويضها، والأكثر من هذا يكتفون فقط بالأساتذة المؤقتين”، وقال الدكتور مصطفى نويصر إنّ قسم التاريخ بجامعة الجزائر كمثال فقد مؤخرا 26 أستاذا، مضيفا أنه لو تقوم الوزارة بإحصاء الأساتذة الذين غادروا الجامعة في العشرية الأخيرة ستجد عددا كبيرا جدا، ما خلف فراغا كبيرا في هذا الجانب، أمّا الدكتور نور الصباح عكنوش من جامعة بسكرة فيرى بأنّ موضوع بطالة الدكاترة كظاهرة بنيوية تعرف تخمة في الأدبيات من خلال الخطب والوعود من جهة وندرة في الآليات من خلال غياب أدوات عملية وعلمية لتسوية الموضوع استراتيجيا وليس إداريا فقط، ما يتطلب، بحسب محدثنا، منهجية دمج هذه النخب في مشروع تنموي يتماهى فيه معدل نمو حاملي الشهادات الجامعية العليا مع نمو النشاط الاقتصادي، في إطار رؤية واضحة للمستقبل، لأن الموضوع يمس الأمن العلمي للبلاد وهو جزء من الأمن القومي في ظل تحديات العولمة.