النشرة المحلية
Trending

كاميرات الهواتف تخترق حرمة الجنائز

تسير طقوس تشييع الجنائز من غريب إلى أغرب، خاصة في ظل انتشار وباء كورونا، والتزام العالم بتدابير الوقاية والتباعد، وإصرار الجزائر على الاستمرار في غلق مجالها الجوي أمام أبنائها المغتربين، الذين باتوا يودعون أهليهم المتوفين عبر كاميرات المسنجر والواتس اب، لإطفاء جمر الشوق.

بعد كل القوانين التي سنتها الحكومة، حفاظا على أرواح المواطنين وحرصا على الحد من انتشار الوباء، التي من بينها منع التجمعات في الجنائز، ودفن الموتى دون طقوس أو مراسيم، بدأت الحياة الطبيعية تعود تدريجيا إلى مجراها، لكن بتحفظ كبير. فالاجتماعات في الجنائز ظهرت مختلفة في زمن الكورونا، قليلون جدا من يسمحون لأنفسهم بتناول الطعام في الجنازة، أو بتبادل القبلات أو العناق أو المصافحة، فقد أصبحت المواساة بأسلوب التباعد ثقافة لدى الجزائريين، حتى إن البعض تخلى تماما عن التنقل للجنازة وله في ذلك حجة واهية، واستبدل أجرها بمكالمة فيديو مع أهل الفقيد، يستعرض فيها دموعه وتأثره لرحيله، وأصبح شائعا في العائلات الجزائرية أن يطلب أهل الميت المقيمون في الخارج أو حتى في ولايات مجاورة إلقاء النظرة الأخيرة عليه عبر الهاتف، ولم يعد غريبا تصوير الجنائز أو تصوير الأعراس، إذ أصبحت الكاميرات تشتغل بلا حرج ولا مراعاة لحرمة الحدث تلتقط التفاصيل وتصور حتى أعداد المعزين، ومن المتوقع أن يتجه الجزائريون إلى مشاركة صور وفيديوهات طقوس الجنائز عبر مواقع التواصل الاجتماعي في القريب.
مكالمات الفيديو تلغي واجب العزاء لدى البعض

تماما مثلما حلت المكالمات والصور والرسائل النصية مكان المعايدة والاجتماعات العائلية في المناسبات، أصبح الأمر أكثر خطورة وغرابا عندما بات يتعلق بهيبة الجنائز، حيث أجبرت الظروف فئة من الناس عن التغيب لأداء واجب العزاء فوجدوا البديل السهل، تقول سارة: “توفي والدي بينما أختي عالقة مع زوجها وصغارها في فرنسا، وكان علي أن أصور لها تفاصيل الجنازة على المباشر وطقوس نقل جثمانه، ونتبادل المواساة ونتقاسم الدموع عبر مكالمة مسنجر، بعدها بأشهر تم إجلاء العائلة نحو وهران حيث تقيم أختي. وحدث أن توفيت جدتي، فانتظرنا

قدومها للجنازة، وبينما اتصلت بي وطلبت التصوير اعتذرت كذلك عن عدم قدرتها على التنقل، وعندما قمنا بتوبيخها أنا وأمي، عللت موقفها بأنها قد ودعت أباها عبر مكالمة مصورة وهو أعز شخص بالنسبة إليها”.

من جانب آخر، نشر أحمد، مهندس جزائري مقيم في دبي، صورة لمكالمة فيديو تصور والدته المتوفاة، وعلق مستنكرا الاستمرار في غلق الحدود أمام الجزائريين بسبب وباء كورونا، وعلق على الصورة قائلا: “فقدت والدتي قبل يومين، ولم أكن أتوقع أبدا أن أودعها عبر الهاتف، مؤسف جدا ومؤلم حد المرض، ما أجبرنا عليه”.. فيما تفاعل المئات مع منشوره، وأجمعوا على أن أسوأ ما في الغربة أن يفقد المرء عزيزا عليه، وأنه لحسن الظن توجد تكنولوجيا خففت من ألمهم وسمحت لهم بمشاركة أهليهم لحظات الحزن والعزاء.

في هذا الصدد، يشير الإمام الدكتور دحماني عبد الصمد، أنه من حرمة الميت ألا يتم تصويره وقد صعدت روحه إلى السماء، فهو لا يملك أن يجيز أو يمنع الاحتفاظ بصوره. ومما يكره ذلك، ما في صور الميت وفيديوهات توديعه إلى مثواه الأخير من ألم وأذى نفسي للماسك عليها، ويعد النظر إليها واسترجاع ذكرى الوفاة بأدق حيثياتها من أكبر مسببات الشقاوة لأقاربه وأحبابه. لذا، فإنه من الأفضل للمسلم أن يفعل ما بوسعه لتشييع عزيزه وفق الأطر الدينية والاجتماعية المباحة والمتعارف عليها، كإلقاء النظرة الأخيرة، والمشي خلف الجنازة، والدعاء للميت، وأن يتفادى قدر الإمكان التصوير أو أي طريقة تسبب له الأذى مستقبلا.

Tags
Back to top button
Close
Close

Adblock Detected

Please consider supporting us by disabling your ad blocker