الجزائر خط أحمر.. الجيش جاهز برّا وجوّا وبحرّا
كما كان متوقعا، في جو مهيب بعث الطمأنينة في نفوس الجزائريين، استعرضت الجزائر في عيد استقلالها الستين، مكامن قوتها في حفل بهيج انتظم على الواجهة البحرية ببلدية المحمدية بالعاصمة، شهد عرضا لمختلف الأسلحة والعتاد والنخب العسكرية للجيش الوطني الشعبي.
الحفل انتظم في مكان له رمزية لا تخطئها ذاكرة العارف بتاريخ الجزائر الحديث، فالفضاء الذي يحوي جامع الجزائر الأعظم، ومسرح هذه الاحتفاليات، كان مقرا للمقر التبشيري للكاردينال شارل مارسيال لافيجري، الذراع الديني الكنسي للاستعمار الفرنسي، في رسالة خاصة عابرة للبحر المتوسط، حيث لا يزال الحالمون بـ”جزائرية فرنسية” يتباكون على ضياع “الإلدورادو”.
عقارب الساعة كانت تشير إلى السادسة صباحا، عندما تكفلت طائرات الهليكوبتر، بإيقاظ سكان العاصمة، لاسيما القاطنين في “المحمدية” وما جاورها من أحياء، بعد أن ظلت تحوم على ارتفاع منخفض في سماء زرقاء مرفوقة بأشعة الشمس التي كانت تسطع بين الحين والآخر. وصولنا إلى عين المكان جعلنا نقف على إنزال غير مسبوق للقوات الأمنية من مختلف التشكيلات التي احتلت جميع الأزقة والأرصفة، المؤدية إلى مكان الاستعراض، الذي تزين بالأعلام الوطنية وصور شهداء الثورة التحريرية، فيما اكتست كل الشوارع “الحلة الزرقاء” من خلال انتشار عناصر الشرطة وسيارات ومدرعات مكافحة الشغب في كل حدب وصوب، فيما سدت جميع المنافذ والمداخل عاصمة البلاد من طرف أصحاب البذلة الخضراء، من دون الحديث عن جزء كبير من عناصر الأمن الذين كانوا بالزي المدني.
ما سجلناه هو توافد كبير لجموع الجزائريين، رجالا ونساء، أطفالا وشيوخا، موّشحين بالرايات الوطنية ومرددين شعارات وأناشيد وطنية، والفرحة بادية على وجوههم، كيف لا، وهو يوم أشرقت فيه شمس الحرية على أرض الجزائر بعد أن ارتوت بدماء الشهداء الطاهرة، كانت كل قطرة منها وصمة عار تطبع جبين المحتل، وعز وشرف تكتب لصالح بلد المليون ونصف المليون شهيد.
وفي حدود الساعة العاشرة صباحا، وصل رئيس الجمهورية إلى موقع الاستعراض في موكب رسمي، أرفق بإطلاق 60 طلقة مدفعية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لعيد الاستقلال، حيث حظي باستقبال كبير من قبل الجماهير الحاضرة بعين المكان.