النشرة المحلية

مشردون يفترشون الرصيف في عز العواصف الثلجية

خرجت عناصر من مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن بولاية تبسة، في خرجتها نهاية الأسبوع تزامنا مع أحد أبرد أيام السنة في الولاية الحدودية، التي نزل فيها مقياس الحرارة ليلا وصباحا دون الصفر في عدة أيام من شهر جانفي 2023، وكان عناصر مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن قد جهزوا كميات من الأغذية والأدوية والأغطية مع تسخير سيارة إسعاف لأجل إنقاذ هؤلاء المشردين، الذين لكل واحد منهم قصة، حيث يتوقفون حيثما وُجد فراش مكتنز بجسم إنسان، وكانت الخرجة في ليلة لم تنزل فيها درجة الحرارة عن إثنين مئوية، مكللة بالعثور على ثمانية أشخاص، كلهم من الرجال من شباب في الثلاثينات من العمر، إلى شيوخ تجاوزوا السبعين من البؤس والشقاء ومن خارج الولاية، يتنقلون بمختلف الشوارع يبحثون عن مكان يقيهم المطر ويمنحهم بعض الراحة، بل إن أحدهم اختار المبيت تحت أربع بطانيات ثقيلة الوزن، بجوار جدار مخبزة، معتمدا على كون صاحبها يبدأ في إعداد الخبز منذ الرابعة فجرا، لتنبعث دفقات من الحرارة المتدفقة من فرن المخبزة،.

واتضح بأن غالبية المستهدفين من دون مأوى، ينامون فوق الرصيف، أو تحت البناءات العمومية، في درجة حرارة كما أخبرنا أحد الناشطين الجمعويين أنها بلغت يوم الجمعة الماضي خمس درجات تحت الصفر، وقد جاءت عملية الخروج الميداني كما جاء على لسان مدير النشاط الاجتماعي، بعد أن انتشرت ظاهرة تواجد أشخاص من خارج الولاية، دون مأوى، والذين يوصفون بالشريحة الهشّة، خاصة المرضى أو الذين فقدوا أهلهم لأسباب وظروف متعددة من وفاة أو طلاق أو طرد من المسكن، لتكون الشوارع مأوى لهم، وينتهي بهم الحال أثناء الليل إلى المبيت في العراء وتحت شرفات العمارات هروبا من الصقيع والأمطار.

عملية تقصي المشردين بدأت في حدود الساعة الثامنة ليلا، بحضور المصالح الأمنية والمؤسسات الاجتماعية والصحية والجماعات المحلية وبعض أهل لخير، أين جابت القافلة أغلب الأحياء والساحات، حيث عثر على 8 أشخاص في وضع ومظهر مؤلم، تأثر له الجميع، خاصة وأن البعض ومنهم الشاب يوسف ابن الخامسة والثلاثين كان يفترش بساطا باليا وممزقا، وكان لون وجهه يميل إلى الزرقة من شدة البرد، وبعد تحويلهم جميعا إلى قاعات الاستحمام، تم عرضهم على الأطباء، حيث تبين بأن خمسة منهم مصابون بأمراض مزمنة من سكري وارتفاع في ضغط الدم، كما اتضح إصابة أحدهم بمرض السل المعدي، حيث تم التكفل بهم صحيا على مستوى المؤسسات الاستشفائية والصحية، فيما تم نقل البقية إلى دار المسنين، كما منحت لهم أغطية وأفرشة جديدة ومعاطف صوفية وقطنية.

وتبين بأن الأشخاص الذين عثر عليهم ينحدرون من خارج الولاية من الجنوب والجزائر العاصمة وغيرها، وهو ما تم استنتاجه من خلال لهجاتهم، كونهم لا يمتلكون وثائق ثبوتية، وكان أحدهم من شدة البؤس والبرد القارس وهو سبعيني على ما يبدو في ملامحه، عاجز حتى عن النطق، حيث كان يردّ على الأسئلة، بإجابات متلعثمة فلم يتمكن حتى من نطق اسمه بطريقة سليمة، ومن شدة عجزه وتأثره بالمحيطين من حوله أجهش بالبكاء، فأبكى من كانوا يحيطون من حوله من دون أن يقول كلمة واحدة عن ظروفه، وعن مكان إقامة عائلته، مثله مثل بقية المتشردين الذين قهرتهم برودة القلوب، قبل برودة الجو.

Back to top button
Close
Close

Adblock Detected

Please consider supporting us by disabling your ad blocker